فصل: باب إقرار المريض

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


باب إقرار المريض

‏(‏قوله وحده‏)‏ مبتدأ وقوله مر إلخ خبر في الهندية المريض مرض الموت من لا يخرج لحوائجه خارج البيت، وهو الأصح ا هـ‏.‏ وفي الإسماعيلية من به بعض مرض يشتكي منه وفي كثير من الأوقات يخرج إلى السوق ويقضي مصالحه لا يكون مريضا مرض الموت، وتعتبر تبرعاته من كل ماله، وإذا باع لوارثه أو وهبه لا يتوقف على إجازة باقي الورثة ‏(‏قوله نافذ‏)‏ لكن يحلف الغريم كما مر قبيل باب التحكيم، ومثله قضاء الأشباه‏.‏ قال في الأصل‏:‏ إذا أقر الرجل في مرضه بدين لغير وارث فإنه يجوز، وإن أحاط ذلك بماله، وإن أقر لوارث فهو باطل إلا أن يصدقه الورثة ا هـ‏.‏ وهكذا في عامة الكتب المعتبرة من مختصرات الجامع الكبير وغيرها‏.‏ لكن في الفصول العمادية أن إقرار المريض للوارث لا يجوز حكاية، ولا ابتداء، وإقراره للأجنبي يجوز حكاية من جميع المال وابتداء من ثلث المال ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وهو مخالف لما أطلقه المشايخ فيحتاج إلى التوفيق، وينبغي أن يوفق بينهما بأن يقال‏:‏ المراد بالابتداء ما يكون صورته صورة إقرار، وهو في الحقيقة ابتداء تمليك بأن يعلم بوجه من الوجوه أن ذلك الذي أقر به ملك له، وإنما قصد إخراجه في صورة الإقرار حتى لا يكون في ذلك منع ظاهر على المقر كما يقع أن الإنسان يريد أن يتصدق على فقير فيقرضه بين الناس، وإذا خلا به وهبه منه أو لئلا يحسد على ذلك من الورثة فيحصل منهم إيذاء في الجملة بوجه ما، وأما الحكاية فهي على حقيقة الإقرار، وبهذا الفرق أجاب بعض علماء عهدنا المحققين، وهو العلامة علي المقدسي في حاشية الفصولين للرملي‏.‏ أقول‏:‏ ومما يشهد لصحة ما ذكرنا من الفرق ما صرح به صاحب القنية‏:‏ أقر الصحيح بعبد في يد أبيه لفلان ثم مات الأب، والابن مريض، فإنه يعتبر خروج العبد من ثلث المال لأن إقراره متردد بين أن يموت الابن أولا فيبطل، وبين أن يموت الأب أولا فيصح فصار كالإقرار المبتدإ في المرض قال أستاذنا‏:‏ فهذا كالتنصيص على أن المريض إذا أقر بعين في يده للأجنبي، فإنما يصح إقراره من جميع المال إذا لم يكن تمليكه إياه في حال مرضه معلوما حتى أمكن جعل تمليكه إظهارا فأما إذا علم تملكه في حال مرضه فإقراره به لا يصح إلا من ثلث المال قال رحمه الله‏:‏ وإنه حسن من حيث المعنى ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وإنما قيد حسنه بكونه من حيث المعنى، لأنه من حيث الرواية مخالف لما أطلقوه في مختصرات الجامع الكبير فكان إقرار المريض لغير وارثه صحيحا مطلقا، وإن أحاط بماله، والله - سبحانه - أعلم معين المفتي ونقله شيخ مشايخنا منلا علي ثم قال بعد كلام طويل‏:‏ فالذي تحرر لنا من المتون والشروح أن إقرار المريض لأجنبي صحيح، وإن أحاط بجميع ماله وشمل الدين والعين، والمتون لا تمشي غالبا إلا على ظاهر الرواية وفي البحر من باب قضاء الفوائد متى اختلف الترجيح رجح إطلاق المتون ا هـ‏.‏ وقد علمت أن التفصيل مخالف لما أطلقه وإن حسنه من حيث المعنى لا الرواية ا هـ‏.‏ وقد علمت أن ما نقله الشارح عن المصنف لم يرتضه المصنف إلا إذا علم تملكه لها أي بقاء ملكه لها في زمن مرضه ‏(‏قوله في معينه‏)‏ وهو معين المفتي للمصنف‏:‏ ‏(‏قوله ودين الصحة‏)‏ مبتدأ خبره جملة قدم ‏(‏قوله فباطلة‏)‏ أي إن لم تجزها الورثة لكونها وصية لزوجته الوارثة

‏(‏قوله‏:‏ والمريض‏)‏ بخلاف الصحيح كما في حبس العناية ‏(‏قوله‏:‏ ليس له‏)‏ أي للمريض ومفاده أن تخصيص الصحيح صحح كما في حجر النهاية شرح الملتقى ‏(‏قوله‏:‏ بعض الغرماء‏)‏ ولو غرماء صحة ‏(‏قوله إعطاء مهر‏)‏ بهمز ‏"‏ إعطاء ‏"‏ ونصبه وإضافته إلى مهر ‏(‏قوله‏:‏ فلا يسلم لهما‏)‏ بفتح الياء واللام وإسكان السين المهملة أي بل يشاركهما غرماء الصحة، لأن ما حصل له من النكاح وسكنى الدار لا يصلح لتعلق حقهم فكان تخصيصهما إبطالا لحق الغرماء بخلاف ما بعده من المسألتين؛ لأنه حصل في يده مثل ما نقد، وحق الغرماء تعلق بمعنى التركة لا بالصورة فإذا حصله له مثله لا يعد تفويتا كفاية ‏(‏قوله أي ثبت كل منهما‏)‏ أي من القرض والشراء

‏(‏قوله وإذا أقر إلخ‏)‏ ولو الوارث عليه دين فأقر بقبضه لم يجز سواء وجب الدين في صحته أو لا على المريض دين أو لا قطنط أقرت بقبض مهرها، فلو ماتت وهي زوجته أو معتدته لم يجز إقرارها وإلا بأن طلقها قبل دخوله جاز جامع الفصولين قع عت مريض قال في مرض موته‏:‏ ليس لي في الدنيا شيء ثم مات فلبعض الورثة أن يحلفوا زوجته وبنته على أنهما لا يعلمان شيئا من تركة المتوفى بطريقة أسنع وكذا لو قال ليس لي في الدنيا شيء سوى هذا حاوي الزاهدي، فرمز قع للقاضي عبد الجبار وعت لعلا تاجري وأسنع للأسرار لنجم الدين‏.‏ إبراء الزوجة زوجها في مرض موتها الذي ماتت فيه موقوف على إجازة بقية الورثة فتاوى الشلبي حامدية كذا في الهامش ‏(‏قوله الوديعة أولى‏)‏ لأنه حين أقر بها علم أنها ليست من تركته ثم إقراره بالدين لا يكون شاغلا لما لم يكن من جملة تركته بزازية

‏(‏قوله‏:‏ وإبراؤه مديونه وهو مديون‏)‏ قيد به احترازا عن غير المديون فإن إبراءه الأجنبي نافذ من الثلث كما في الجوهرة سائحاني‏.‏ ‏[‏فائدة‏]‏ أقر في مرضه بشيء فقال‏:‏ كنت قلته في الصحة كان بمنزلة الإقرار في المرض من غير إسناد إلى زمن الصحة أشباه، وفي البزازية عن المنتقى أقر فيه أنه باع عبده من فلان وقبض الثمن في صحته وصدقه المشتري فيه صدق في البيع لا في قبض الثمن إلا من الثلث ا هـ‏.‏ ونقله في نور العين عن الخلاصة، ونقل قبله عن الخانية‏:‏ أقر أنه أبرأ فلانا في صحته من دينه لم يجز إذ لا يملك إنشاءه للحال، فكذا الحكاية بخلاف إقراره بقبض إذ يملك إنشاءه فيملك الإقرار به ثم قال‏:‏ فلعل في المسألة روايتين، أو أحدهما سهو، والظاهر أن ما في الخانية أصح وقال أيضا‏:‏ قوله إذ لا يملك إنشاءه للحال مخالف لما فيها أيضا أنه يجوز إبراء الأجنبي إلا أن يخص عدم القدرة على الإنشاء بكون فلان وارثا أو بكون الوارث كفيلا لفلان الأجنبي ففي إطلاقه نظر ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ أو بكون المقر مديونا كما أفاده المصنف ‏(‏قوله‏:‏ أجنبيا‏)‏ إلا أن يكون الوارث كفيلا عنه فلا يجوز؛ إذ يبرأ الكفيل ببراءة الأصيل جامع الفصولين، ولو أقر الأجنبي باستيفائه دينه منه صدق كما بسطه في الولوالجية ‏(‏قوله‏:‏ فلا يجوز‏)‏ سواء كان من دين له عليه أصالة أو كفالة وكذا إقراره بقبضه واحتياله به على غيره فصولين وفي الهامش أقر مريض مرض الموت أنه لا يستحق عند زوجته هند حقا وأبرأ ذمتها من كل حق شرعي ومات عنها وورثه غيرها وله تحت يدها أعيان وله بذمتها دين، والورثة لم يجيزوا الإقرار لا يكون الإقرار صحيحا حامدية ‏(‏قوله‏:‏ يشمل الوارث‏)‏ صرح به في جامع الفصولين حيث قال‏:‏ مريض له على وارثه دين فأبرأه لم يجز، ولو قال لم يكن لي عليك شيء، ثم مات جاز إقراره قضاء لا ديانة ا هـ‏.‏ وينبغي لو ادعى الوارث الآخر أو المقر كاذب في إقراره أن يحلف المقر له بأنه لم يكن كاذبا بناء على قول أبي يوسف المفتى به كما مر قبيل باب الاستثناء، وفي البزازية‏:‏ ادعى عليه ديونا ومالا وديعة، فصالح الطالب على يسير سرا، وأقر الطالب في العلانية أنه لم يكن له على المدعى عليه شيء، وكان ذلك في مرض المدعي، ثم مات فبرهن الوارث أنه كان لمورثي عليه أموال كثيرة وإنما قصد حرماننا لا تسمع، وإن كان المدعى عليه وارث المدعي وجرى ما ذكرنا فبرهن بقية الورثة على أن أبانا قصد حرماننا بهذا الإقرار تسمع ا هـ‏.‏ وينبغي أن يكون في مسألتنا كذلك لكن فرق في الأشباه بكونه متهما في هذا الإقرار لتقدم الدعوى عليه والصلح معه على يسير، والكلام عند عدم قرينة على التهمة ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وكثيرا ما يقصد المقر حرمان بقية الورثة في زماننا وتدل عليه قرائن الأحوال القريبة من الصريح، فعلى هذا تسمع دعواهم بأنه كان كاذبا، وتقبل بينتهم على قيام الحق على المقر له؛ ولهذا قال السائحاني‏:‏ ما في المتن إقرار وإبراء وكلاهما لا يصح للوارث كما في المتون والشروح فلا يعول عليه لئلا يصير حيلة لإسقاط الإرث الجبري ا هـ‏.‏ والله أعلم ‏(‏قوله صحيح قضاء‏)‏ ومر في الفروع قبيل باب الدعوى ‏(‏قوله كما بسطه في الأشباه‏)‏ أقول‏:‏ قد خالفه علماء عصره وأفتوا بعدم الصحة منهم ابن عبد العال والمقدسي، وأخو المصنف والحانوتي والرملي وكتب الحموي في الرد على ما قاله نقلا عمن تقدم كتابة حسنة فلتراجع‏.‏ أقول‏:‏ وحاصل ما ذكره الرملي‏:‏ أن قوله لم يكن عليه شيء مطابق لما هو الأصل من خلو ذمته عن دينه، فليس إقرارا بل كاعترافه بعين في يد زيد بأنها لزيد فانتفت التهمة، ومثله ليس له على والده شيء من تركة أمه وليس لي على زوجي مهر على المرجوح، بخلاف ما هنا فإن إقرارها بما في يدها إقرار بملكها للوارث بلا شك لأن أقصى ما يستدل به على الملك اليد، فكيف يصح وكيف تنتفي التهمة والنقول مصرحة بأن الإقرار بالعين التي في يد المقر كالإقرار بالدين، وإذا لم يصح في المهر على الصحيح، مع أن الأصل براءة الذمة فكيف يصح فيما فيه الملك مشاهد باليد‏.‏ نعم لو كانت الأمتعة بيد الأب فلا كلام في الصحة وفي حاشية الباري الصواب أن ذلك إقرار للوارث بالعين بصيغة النفي، وما استند له المصنف في الدين لا العين وهو وصف في الذمة وإنما يصير مالا بقبضه

‏(‏قوله‏:‏ أو مع أجنبي‏)‏ قال في نور العين أقر لوارثه ولأجنبي بدين مشترك بطل إقراره عندهما تصادقا في الشركة أو تكاذبا وقال محمد للأجنبي بحصته لو أنكر الأجنبي الشركة وبالعكس لم يذكره محمد ويجوز أن يقال إنه على الاختلاف والصحيح أنه لم يجز على قول محمد كما هو قولهما ‏(‏قوله‏:‏ إلا أن يصدقه‏)‏ أي بعد موته ولا عبرة لإجازتهم قبله كما في خزانة المفتين وإن أشار صاحب الهداية لضده، وأجاب به ابنه نظام الدين وحافده عماد الدين ذكره القهستاني شرح الملتقى وفي التعمية إذا صدق الورثة إقرار المريض لوارثه في حياته لا يحتاج لتصديقهم بعد وفاته وعزاه لحاشية مسكين‏.‏ قال‏:‏ فلم تجعل الإجازة كالتصديق، ولعله لأنهم أقروا ا هـ‏.‏ وقدم الشارح في باب الفضولي وكذا وقف بيعه لوارثه على إجازتهم ا هـ‏.‏ في الخلاصة نفس البيع من الوارث لا يصح إلا بإجازة الورثة يعني في مرض الموت وهو الصحيح، وعندهما يجوز لكن إن كان فيه غبن أو محاباة يخير المشتري بين الرد أو تكميل القيمة سائحاني ‏(‏قوله‏:‏ أو أوصى‏)‏ في بعض النسخ وأوصى بدون ألف ‏(‏قوله‏:‏ لزوجته‏)‏ يعني ولم يكن له وارث آخر وكذا في عكسه كما في الشرنبلالية قاله شيخ والدي مدني ‏(‏قوله صحت‏)‏ ومثله في حاشية الرملي على الأشباه فراجعها ‏(‏قوله وأما غيرهما‏)‏ أي غير الزوجين، وفي الهامش أقر رجل في مرضه بأرض في يده أنها وقف إن أقر بوقف من قبل نفسه كان من الثلث، كما لو أقر المريض بعتق عبده أو أقر أنه تصدق به على فلان، وهي المسألة الأولى قال وإن أقر بوقف من جهة غيره إن صدقه ذلك الغير أو ورثته جاز في الكل وإن أقر بوقف ولم يبين أنه منه أو من غيره فهو من الثلث ابن الشحنة كذا في الهامش ‏(‏قوله صح إلخ‏)‏ هذا مشكل فليراجع ‏(‏قوله‏:‏ لما زعمه الطرسوسي‏)‏ أي من أنه يكون من الثلث مع تصديق السلطان ا هـ‏.‏ ح كذا في الهامش ‏(‏قوله‏:‏ ولو كان ذلك‏)‏ أي الإقرار ‏(‏ولو‏)‏ وصلية ‏(‏قوله‏:‏ بقبض دينه‏)‏ قال في الخانية‏:‏ لا يصح إقرار مريض مات فيه بقبض دينه من وارثه، ولا من كفيل وارثه إلى آخر ما يأتي في القرب من ذلك عن العين، وقيد بدين الوارث احترازا عن إقراره باستيفاء دين الأجنبي‏.‏ والأصل فيه أن الدين لو كان وجب له على أجنبي في صحته جاز إقراره باستيفائه ولو عليه دين معروف سواء وجب ما أقر بقبضه بدلا عما هو مال كثمن أو لا كبدل صلح دم العمد والمهر ونحوه ولو دينا وجب في مرضه وعليه دين معروف أو دين وجب بمعاينة الشهود، فلو ما أقر بقبضه بدلا عما هو مال لم يجز إقراره أي في حق غرماء الصحة كما نقله السائحاني عن البدائع، ولو بدلا عما ليس بمال جاز إقراره بقبضه، ولو عليه دين معروف جامع الفصولين وفيه لو باع في مرضه شيئا بأكثر من قيمته فأقر بقبضه لم يصدق وقيل للمشتري أد ثمنه مرة أخرى أو انقض البيع عند أبي يوسف وعند محمد يؤدي قدر قيمته أو نقض البيع ‏(‏قوله أو غصبه‏)‏ أي بقبض ما غصبه منه ‏(‏قوله ونحو ذلك‏)‏ كأن يقر أنه قبض المبيع فاسدا منه أو أنه رجع فيما وهبه له مريضا حموي ط‏.‏ فرع‏]‏ أقر بدين لوارثه أو لغيره ثم برئ فهو كدين صحته، ولو أوصى لوارثه ثم برئ بطلت وصيته جامع الفصولين‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

في التتارخانية عن واقعات الناطفي أشهدت المرأة شهودا على نفسها لابنها أو لأخيها تريد بذلك إضرار الزوج أو أشهد الرجل شهودا على نفسه بمال لبعض الأولاد يريد به إضرار باقي الأولاد، والشهود يعلمون ذلك وسعهم أن لا يؤدوا الشهادة إلى آخر ما ذكره العلامة البيري، وينبغي على قياس ذلك أن يقال‏:‏ إن كان للقاضي علم بذلك لا يسعه الحكم كذا في حاشية أبي السعود على الأشباه والنظائر ‏(‏قوله‏:‏ ولو فعله‏)‏ أي الإقرار بهذه الأشياء للوارث ‏(‏قوله‏:‏ من ورثة المريض‏)‏ كما إذا أقر لابن ابنه ثم مات ابن الابن عن أبيه ‏(‏قوله‏:‏ وسيجيء‏)‏ أي قريبا ‏(‏قوله‏:‏ بوديعة‏)‏ الأصوب باستهلاك الوديعة أي المعروفة بالبينة ‏(‏قوله‏:‏ مستهلكة‏)‏ أي وهي معروفة ‏(‏قوله وصورته‏)‏ قد أوضح المسألة في الولوالجية ولم يبين بهذه الصورة أن الوديعة معروفة كما صرح في الأشباه وفي جامع الفصولين راقما صورتها أودع أباه ألف درهم في مرض الأب أو صحته عند الشهود فلما حضره الموت أقر بإهلاكه صدق؛ إذ لو سكت ومات ولا يدري ما صنع كان في ماله، فإذا أقر بإتلافه فأولى ا هـ‏.‏ والحاصل أن مدار الإقرار هنا على استهلاك الوديعة المعروفة لا عليها ‏(‏قوله‏:‏ والحاصل‏)‏ فيه مخالفة للأشباه ونصها‏:‏ وأما مجرد الإقرار للوارث فهو موقوف على الإجازة سواء كان بعين أو دين أو قبض منه أو أبرأه لا في ثلاث لو أقر بإتلاف وديعته المعروفة أو أقر بقبض ما كان عنده وديعة أو بقبض ما قبضه الوارث بالوكالة من مديونه كذا في تلخيص الجامع وينبغي أن يلحق بالثانية إقراره بالأمانات كلها ولو مال الشركة أو العارية والمعنى في الكل أنه ليس فيه إيثار البعض فاغتنم هذا التحرير فإنه من مفردات هذا الكتاب ا هـ‏.‏ ط ‏(‏قوله إقراره بالأمانات‏)‏ أي بقبض الأمانات التي عند وارثه لا بأن هذه العين لوارثه، فإنه لا يصح كما صرح به الشارح قريبا وصرح به في الأشباه وهذا مراد صاحب الأشباه بقوله‏:‏ وينبغي أن يلحق بالثانية إقراره بالأمانات كلها فتنبه لهذا فإنا رأينا من يخطئ فيه ويقول‏:‏ إن إقراره لوارثه بها جائز مطلقا مع أن النقول مصرحة بأن إقراره له بالعين كالدين كما قدمناه عن الرملي ومن هذا يظهر لك ما في بقية كلام الشارح، وهو متابع فيه للأشباه مخالفا للمنقول وخالفه فيه العلماء الفحول كما قدمناه‏.‏ وفي الفتاوى الإسماعيلية‏:‏ سئل فيمن أقر في مرضه أن لا حق له في الأسباب والأمتعة المعلومة مع بنته المعلومة، وأنها تستحق ذلك دونه من وجه شرعي، فهل إذا كانت الأعيان المرقومة في يده، وملكه فيها ظاهر ومات في ذلك المرض، فالإقرار بها لوارثه باطل‏.‏ الجواب‏:‏ نعم على ما اعتمده المحققون ولو مصدرا بالنفي خلافا للأشباه وقد أنكروا عليه ا هـ‏.‏ ونقله السائحاني في محتومته ورد على الأشباه والشارح في هامش نسخته، وفي الحامدية سئل في مريض مرض الموت، أقر فيه أنه لا يستحق عند زوجته هند حقا وأبرأ ذمتها عن كل حق شرعي ومات عنها وعن ورثة غيرها وله تحت يدها أعيان وله بذمتها دين والورثة لم يجيزوا الإقرار فهل يكون غير صحيح، الجواب‏:‏ يكون الإقرار غير صحيح، والحالة هذه، والله تعالى أعلم‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ومنها النفي‏)‏ فيه أنه ليس بإقرار للوارث كما صوبه في الأشباه ‏(‏قوله كلا حق لي‏)‏ هذا صحيح في الدين لا في العين كما مر ‏(‏قوله أو أمي‏)‏ ومنها إقراره بإتلاف وديعته المعروفة كما في المتن كذا في الهامش ‏(‏قوله ومنه هذا الشيء‏)‏ هذا غير صحيح كما علمته مما مر قال في البحر في متفرقات القضاء‏:‏ ليس لي على فلان شيء ثم ادعى عليه مالا وأراد تحليفه لم يحلف، وعند أبي يوسف يحلف للعادة وسيأتي في مسائل شتى آخر الكتاب‏:‏ أن الفتوى على قول أبي يوسف اختاره أئمة خوارزم لكن اختلفوا فيما إذا ادعاه وارث المقر على قولين ولم يرجح في البزازية منهما شيئا، وقال الصدر الشهيد‏:‏ الرأي في التحليف إلى القاضي، وفسره في فتح القدير بأنه يجتهد بخصوص الوقائع فإن غلب على ظنه أنه لم يقبض حين أقر يحلف الخصم، وإن لم يغلب على ظنه ذلك لا يحلفه وهذا إنما هو في المتفرس في الأخصام ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وهذا مؤيد لما بحثنا والحمد لله‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

قال في التتارخانية عن الخلاصة رجل قال‏:‏ استوفيت جميع ما لي على الناس من الدين لا يصح إقراره، وكذا لو قال‏:‏ أبرأت جميع غرمائي لا يصح إلا أن يقول‏:‏ قبيلة فلان وهم يحصون فحينئذ يصح إقراره وإبراؤه‏.‏

‏(‏قوله بسبب قديم‏)‏ أي قائم وقت الإقرار، ولو أقر لوارثه وقت إقراره ووقت موته وخرج من أن يكون وارثا فيما بين ذلك بطل إقراره عند أبي يوسف لا عند محمد نور العين عن قاضي خان‏.‏ وفي جامع الفصولين‏:‏ أقر لابنه وهو قن ثم عتق فمات الأب جاز لأنه للمولى لا للقن بخلاف الوصية لابنه، وهو قن ثم عتق فإنها تبطل لأنها حينئذ للابن ا هـ‏.‏ وبيانه في المنح وانظر ما كتبناه في الوصايا ‏(‏قوله‏:‏ ليس بوارث‏)‏ يفيد أنها لو كانت حية وارثة لم يصح‏:‏ قال في الخانية‏:‏ لا يصح إقرار مريض مات فيه بقبض دين من وارثه ولا من كفيل وارثه ولو كفل في صحته وكذا لو أقر بقبضه من أجنبي تبرع عن وارثه وكل رجلا ببيع شيء معين فباعه من وارث موكله، وأقر بقبض الثمن من وارثه، أو أقر أن وكيله قبض الثمن ودفعه إليه لا يصدق، وإن كان المريض هو الوكيل، وموكله صحيح فأقر الوكيل أنه قبض الثمن من المشتري، وجحد الموكل صدق الوكيل، ولو كان المشتري وارث الوكيل، والموكل والوكيل مريضان فأقر الوكيل بقبض الثمن لا يصدق؛ إذ مرضه يكفي لبطلان إقراره لوارثه بالقبض فمرضهما أولى‏.‏ مريض عليه دين محيط فأقر بقبض وديعة أو عارية أو مضاربة كانت له عند وارثه صح إقراره لأن الوارث لو ادعى رد الأمانة إلى مورثه المريض وكذبه المورث يقبل قول الوارث ا هـ‏.‏ من نور العين قبيل كتاب الوصية ‏(‏قوله‏:‏ خلافا لمحمد‏)‏‏.‏

‏[‏فرع‏]‏

باع فيه من أجنبي عبدا وباعه الأجنبي من وارثه أو وهبه منه صح إن كان بعد القبض لأن الوارث ملك العبد من الأجنبي لا من مورثه بزازية ‏(‏قوله عمادية‏)‏ قدمنا عبارتها عن نور العين

‏(‏قوله لمن طلقها‏)‏ أي في مرضه‏.‏

‏[‏فرع‏]‏

إقراره لها أي للزوجة بمهر إلى قدر مثله صحيح لعدم التهمة فيه، وإن بعد الدخول قال الإمام ظهير الدين وقيل جرت العادة بمنع نفسها قبل قبض مقدار من المهر فلا يحكم بذلك القدر إذا لم تعترف بالقبض‏.‏ والصحيح أنه يصدق إلى تمام مهر مثلها وإن كان الظاهر أنها استوفت شيئا بزازية‏.‏ وفيها أقر فيه لامرأته التي ماتت عن ولد بقدر مهر مثلها وله ورثة أخرى لم يصدقوه في ذلك قال القاضي الإمام لا يصح إقراره، ولا يناقض هذا ما تقدم لأن الغالب هنا بعد موتها استيفاء ورثتها أو وصيها المهر بخلاف الأول ا هـ‏.‏

‏[‏فرع‏]‏

في التتارخانية عن السراجية‏:‏ ولو قال مشترك أو شركة في هذه الدار فهذا إقرار بالنصف وفي العتابية ومطلق الشركة بالنصف عند أبي يوسف وعند محمد ما يفسره المقر، ولو قال في الثلثين موصولا صدق وكذا قوله بيني وبينه، أو لي وله ا هـ‏.‏

‏(‏قوله وإن أقر لغلام‏)‏ كان الأولى تقديم هذه المسألة على قوله وإن أقر لأجنبي ثم أقر ببنوته لأن الشروط الثلاثة هنا معتبرة هناك أيضا كذا في حاشية مسكين عن الحموي ‏(‏قوله أو في بلد‏)‏ حكاية قول آخر قال في الحواشي اليعقوبية‏:‏ مجهول النسب من لا يعلم له أب في بلده على ما ذكر في شرح تلخيص الجامع لأكمل الدين، والظاهر أن المراد به بلد هو فيه كما ذكر في القنية لا مسقط رأسه كما ذكره البعض لأن المغربي إذا انتقل إلى المشرق فوقع عليه حادثة يلزم أنه يفتش عن نسبه في المغرب وفيه من الحرج ما لا يخفى فليحفظ هذا ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وحينئذ‏)‏ ينبغي حذفها فإن بذكرها صار الشرط بلا جواب ح ‏(‏قوله‏:‏ هذه الشروط‏)‏ أي أحدهما ح ‏(‏قوله‏:‏ من حيث استحقاق المال‏)‏ إن كان المراد بالمال هو المقر به كما هو ظاهر قوله كما مر أعني بأن أقر لأجنبي ثم أقر ببنوته، ولم تثبت بسبب انتفاء شرط فمع أنه تكرار لا محل له هنا، وإن كان المراد به الإرث كما هو ظاهر قوله كما لو أقر بأخوة غيره، فيكون المعنى‏:‏ إن أقر لغلام أنه ابنه ولم يثبت نسبه بسبب انتفاء شرط من هذه الشروط شارك الورثة فلا يظهر وجهه؛ إذ تقدم أن إقراره له بالمال صحيح، ولا يصح الإقرار لوارث كما مر مع أن المؤاخذة حينئذ ليست للمقر، بل للورثة حيث شاركهم في الإرث ومع هذا فإن كان الحكم كذلك فلا بد له من نقل صريح حتى يقبل، وقد راجعت عدة كتب فلم أجده ولعله لهذه أمر الشارح بالتحرير فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله عن الينابيع‏)‏ الذي قدمه الشرنبلالي عن الينابيع عند قوله‏:‏ أقر لأجنبي ثم ببنوته نصه ولو كذبا أو كان معروف النسب من غيره لزمه ما أقر به ولا يثبت النسب ا هـ‏.‏ ثم كتب هنا ما نقله الشارح عنه ‏(‏قوله فيحرر‏)‏ لم يظهر لي المخالفة الموجبة للتحرير تأمل ح

‏(‏قوله والرجل صح إقراره‏)‏ في بعض النسخ إسقاط الرجل ولفظه وصح إقراره ‏(‏قوله أي المريض‏)‏ الأولى تركه ح ‏(‏قوله‏:‏ وإن عليا‏)‏ بتحريك ثلاثة حروفه أي الوالدان وفيه نظر وجهه ظاهر فهو كإقراره ببنت ابن قال في جامع الفصولين أقر ببنت فلها النصف والباقي للعصبة إذ إقراره ببنت جائز لا ببنت الابن ا هـ‏.‏ وما ذاك إلا لأن فيه تحميل النسب على الابن فتدبر‏.‏ ط ‏(‏قوله لا يصح‏)‏ وسيأتي متنا التصريح به ‏(‏قوله وكذا صح‏)‏ أي إقرارها ‏(‏قوله ولو قابلة‏)‏ أفاد بمقابلته بعده بقوله أو صدقها الزوج أن هذا حيث جحد الزوج وادعته منه وأفاد أنها ذات زوج بخلاف المعتدة كما صرح به الشارح، أما إذا لم تكن ذات زوج ولا معتدة أو كان لها زوج وادعت أن الولد من غيره فلا حاجة إلى أمر زائد على إقرارها صرح بذلك كله ابن الكمال وسيأتي ‏(‏قوله‏:‏ بتعيين الولد‏)‏ كما علمت مما قدمناه أن الكلام فيما إذا أنكر الولادة، وشهادة القابلة بتعيين الولد فيما إذا تصادقا على الولادة وأنكر التعيين‏.‏ وعبارة غاية البيان عن شرح الأقطع فتثبت الولادة بشهادتهما ويلتحق النسب بالفراش ا هـ‏.‏ والظاهر أن ما أفاده الشارح حكمه كذلك ‏(‏قوله وصح مطلقا‏)‏ أفاد أن ما ذكره من الشروط إنما هو لصحة الإقرار بالنسب لئلا يكون تحميلا على الزوج، فلو فقد شرط صح إقرارها عليها فيرثها الولد، وترثه إن صدقها، ولم يكن لهما وارث غيرهما فصار كالإقرار بالأخ، ويفهم هذا مما قدمنا، وفي غاية البيان ولا يجوز إقرار المرأة بالولد، وإن صدقها يعني الولد، ولكنهما يتوارثان إن لم يكن لهما وارث معروف؛ لأنه اعتبر إقرارها في حقها، ولا يقضي بالنسب لأنه لا يثبت بدون الحجة، وهي ما إذا شهدت القابلة على ذلك وصدقها الولد فيثبت، وما إذا صدقها زوجها فيثبت بتصادقهما لأنه لا يتعدى إلى غيرهما ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله من غيره‏)‏ أي فصح إقرارها في حقها فقط ‏(‏قوله قلت‏)‏ أقول‏:‏ غاية ما يلزم على عدم معرفة زوج آخر كونه من الزنا مع أنه ليس بلازم وبفرض تحقق كونه من الزنا يلزمها أيضا لأن ولد الزنا واللعان يرث بجهة الأم فقط، فلا وجه للتوقف في ذلك كذا في حاشية مسكين لأبي السعود المصري ‏(‏قوله‏:‏ وصح التصديق إلخ‏)‏ أي ولو بعد جحود المقر لقول البزازي أقر أنه تزوج فلانة في صحة أو مرض ثم جحد وصدقته المرأة في حياته أو بعد موته جاز سائحاني ‏(‏قوله بموتها‏)‏ كذا في نسخة وهي الصواب موافقا لما في شرحه على الملتقى

‏(‏قوله في باب ثبوت النسب‏)‏ حيث قال أو تصديق بعض الورثة فيثبت في حق المقرين، وإنما يثبت النسب في حق غيرهم حتى الناس كافة إن تم نصاب الشهادة بهم أي بالمقرين وإلا يتم نصابها لا يشارك المكذبين ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله أو الورثة‏)‏ يغني عنه قوله ومنه إقرار اثنين ط لكن كلامنا هنا في تصديق المقر وهناك في نفس الإقرار وإن كانا في المعنى سواء، لكن بينهما فرق وهو أن التصديق بعد العلم بإقرار الأول كقوله نعم أو صدق، والإقرار لا يلزم منه العلم تأمل ‏(‏قوله‏:‏ كذوي الأرحام‏)‏ فسر القريب في العناية بذوي الفروض والعصبات والبعيد بذوي الأرحام، والأول أوجه لأن مولى الموالاة إرثه بعد ذوي الأرحام شرنبلالية ‏(‏قوله‏:‏ ورثه‏)‏‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

إرث المقر له حيث لا وارث له غيره يكون مقتصرا عليه، ولا ينتقل إلى فرع المقر له ولا إلى أصله لأنه بمنزلة الوصية شيخنا عن جامع الفصولين كذا في حاشية مسكين ‏(‏قوله المعروف‏)‏ قريبا أو بعيدا فهو أحق بالإرث من المقر له حتى لو أقر بأخ وله عمة أو خالة فالإرث للعمة أو للخالة لأن نسبه لم يثبت فلا يزاحم الوارث المعروف درر كذا في الهامش ‏(‏قوله‏:‏ والمراد غير الزوجين‏)‏ أي بالوارث الذي يمنع المقر له من الإرث ‏(‏قوله‏:‏ وإن صدقه المقر له‏)‏ صوابه المقر عليه كما عبر به فيما مر ويدل عليه كلام المنح حيث قال وقوله‏:‏ أي الزيلعي للمقر‏:‏ إنه يرجع عنه، محله ما إذا لم يصدق المقر له على إقراره أو لم يقر بمثل إقراره إلخ، وعزاه لبعض شروح السراجية فقوله‏:‏ أو لم يقر لا شك أن الضمير فيه للمقر عليه لا المقر له، فعلم أن المقر له صوابه المقر عليه كما عبر به صاحب المنح في كتاب الفرائض ويدل عليه قوله الآتي‏:‏ إن بالتصديق يثبت النسب ولا يكون ذلك إلا من المقر عليه‏.‏ قال في روح الشروح على السراجية‏.‏ واعلم‏:‏ أنه إن شهد مع المقر رجل آخر أو صدقه المقر عليه أو الورثة وهم من أهل الإقرار فلا يشترط الإصرار على الإقرار إلى الموت ولا ينفع الرجوع لثبوت النسب ح ا هـ‏.‏ وفي شرح فرائض الملتقى للطرابلسي‏:‏ وصح رجوعه لأنه وصية معنى ولا شيء للمقر له من تركته قال في شرح السراجية المسمى بالمنهاج‏:‏ وهذا إذا لم يصدق المقر عليه إقراره قبل رجوعه أو لم يقر بمثل إقراره أما إذا صدق إقراره قبل رجوعه أو أقر بمثل إقراره فلا ينفع المقر رجوعه عن إقراره لأن نسب المقر له قد ثبت من المقر عليه ا هـ‏.‏ فهذا كلام شراح السراجية فالصواب التعبير ب عليه كما عبر به في المنح في كتاب الفرائض، وإن كانت عبارتها هنا كعبارة الشارح وكذا عبارة الشارح في الفرائض غير محررة فتنبه ‏(‏قوله‏:‏ عند الفتوى‏)‏ أقول‏:‏ تحريره أنه لو صدقه المقر له فله الرجوع، لأنه لم يثبت النسب، وهو ما في البدائع، ولو صدقه المقر عليه لا يصح رجوعه لأنه بعد ثبوته وهو ما في شروح السراجية فمنشأ الاشتباه تحريف الصلة فالموضوع مختلف ولا يخفى أن هذا كله في غير الإقرار بنحو الولد

‏(‏قوله‏:‏ نصف نصيب المقر‏)‏ ولو معه وارث آخر شرح الملتقى وبيانه في الزيلعي ‏(‏قوله‏:‏ في حق نفسه‏)‏ فصار كالمشتري إذا أقر أن البائع كان أعتق العبد المبيع يقبل إقراره في العتق، ولم يقبل في الرجوع بالثمن بيانية، وفي الزيلعي‏:‏ فإذا قبل إقراره في حق نفسه يستحق المقر له نصف نصيب المقر مطلقا عندنا، وعند مالك وابن أبي ليلى يجعل إقراره شائعا في التركة فيعطى المقر من نصيبه ما يخصه من ذلك، حتى لو كان لشخص مات أبوه أخ معروف فأقر بأخ آخر فكذبه أخوه المعروف فيه أعطي المقر نصف ما في يده، وعندهما يعني عند مالك وابن أبي ليلى ثلث ما في يده، لأن المقر قد أقر له بثلث شائع في النصفين فنفذ إقراره في حصته‏.‏ وبطل ما كان في حصة أخيه، فيكون له ثلث ما في يده وهو سدس جميع المال، والسدس الآخر في نصيب أخيه بطل إقراره فيه لما ذكرنا، ونحن نقول‏:‏ إن في زعم المقر أنه يساويه في الاستحقاق، والمنكر ظالم بإنكاره فيجعل ما في يد المنكر كالهالك فيكون الباقي بينهما بالتسوية، ولو أقر بأخت تأخذ ثلث ما في يده وعندهما خمسه، ولو أقر ابن وبنت بأخ وكذبهما ابن وبنت يقسم نصيب المقرين أخماسا وعندهما أرباعا، والتخريج ظاهر، ولو أقر بامرأة أنها زوجة أبيه أخذت ثمن ما في يده ولو أقر بجدة هي أم الميت أخذت سدس ما في يده فيعامل فيما في يده كما يعامل لو ثبت ما أقر به ا هـ‏.‏ وتمامه فيه ‏(‏قوله‏:‏ بابن‏)‏ أي من أخيه الميت ‏(‏قوله‏:‏ انتفى‏)‏ هذه مسألة الدور الحكمي التي عدها الشافعية من موانع الإرث لأنه يلزم من التوريث عدمه، بيانه أنه إذا أقر أخ حائز بابن للميت لا يثبت نسبه ولا يرث، لأنه لو ورث لحجب الأخ فلا يكون الأخ وارثا حائزا فلا يقبل إقراره بالابن، فلا يثبت نسبه فلا يرث لأن إثبات الإرث يؤدي إلى نفيه وما أدى إثباته إلى نفيه انتفى من أصله وهذا هو الصحيح من مذهبهم لكن يجب على المقر باطنا أن يدفع للابن التركة إذا كان صادقا في إقراره ‏(‏قوله‏:‏ وظاهر كلامهم نعم‏)‏ يعني‏:‏ ظاهر كلامهم صحة إقرار هذا الأخ بالابن، ويثبت نسبه في حق فقط فيرث الابن دونه لما قالوا‏:‏ إن الإقرار بنسب على غيره يصح في حق نفسه، حتى تلزمه الأحكام من النفقة والحضانة لا في حق غيره وقد رأيت المسألة منقولة، ولله - تعالى - الحمد والمنة في فتاوى العلامة قاسم بن قطلوبغا الحنفي ونصه قال محمد في الإملاء ولو كانت للرجل عمة أو مولى نعمة فأقرت العمة أو مولى النعمة بأخ للميت من أبيه أو أمه أو بعم أو بابن عم أخذ المقر له الميراث كله لأن الوارث المعروف أقر بأنه مقدم عليه في استحقاق ماله وإقراره حجة على نفسه ا هـ‏.‏ هذا كلامه ثم قال فلما لم يكن في هذا دور عندنا لم يذكر في الموانع وذكر في بابه ا هـ‏.‏

‏(‏قوله إلى نصيبه‏)‏ فيجعل كأنه استوفي نصيبه ولأن الاستيفاء إنما يكون بقبض مضمون لأن الديون تقضى بأمثالها ثم تلتقي قصاصا فقد أقر بدين على الميت فيلزم المقر كما مر قبل باب الاستثناء ولا يجري في هذه المسألة الخلاف السابق كما لا يخفى على الحاذق ‏(‏قوله‏:‏ بعد حلفه‏)‏ أي حلف المنكر أي لأجل الأخ لا لأجل الغريم؛ لأنه لا ضرر على الغريم فلا ينافي ما يأتي ولو نكل شاركه المقر ‏(‏قوله لكنه‏)‏ الاستدراك يقتضي أن لا يحلف في الأولى، وبه صرح الزيلعي وهو مخالف لما قدمه عن الأكمل ومر جوابه ‏(‏قوله يحلف‏)‏ أي المنكر بالله لم يعلم أنه قبض الدين فإن نكل برئت ذمة المدين، وإن حلف دفع إليه نصيبه بخلاف المسألة الأولى حيث لا يحلف لحق الغريم، لأن حقه كله حصل له من جهة المقر فلا حاجة إلى تحليفه وهنا لم يحصل إلا النصف فيحلفه زيلعي‏.‏